-->
U3F1ZWV6ZTIwMjE5NDQ5ODhfQWN0aXZhdGlvbjIyOTA1ODUwNjky
recent
أخبار ساخنة

رواد الأعمال قادة المستقبل

 


رواد الأعمال  قادة المستقبل 

م / وليد الحدي
رئيس الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الانتاج المحلي

سبع سنوات تقريباً من عُمر البلد مَضت في عدوان بربري وحصار جائر، لم يُبقِ فيها المُعتدي على شيء حتى هذه اللحظة مُستمراً في معركته الاقتصادية بعد أن استنفد جميع خياراته العسكرية، وهنا لا بد من مراجعة شاملة  للهيكل الاقتصادي للدولة، للخروج من حالة الرُّكود الاقتصادي واكتشاف مكامن الخلل من أجل تحقيق المزيد من أهداف أشمل واستراتيجيات أبعد تنعكس على حياة الناس ومستوى معيشتهم, وعلى النشاط الاقتصادي ومكانته في السوق، ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من تنويع مصادر الدخل بعيداً عن المصادر الأحفورية والتي تؤكد دراسات استغناء العالم عنها في المستقبل القريب، وعليه أضْحت الحاجة مُلحَّة أكثر من أي وقت مضى لتنشيط الأعمال والمشاريع الصغيرة وتشجيعها، والتحوُّل من الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على البترول والغاز إلى الاقتصاد المُتنوع، على أن ذلك لا يمكن تحقيقه إلا بعد مغادرة عقلية الاتكالية على الدولة في معظم التفاصيل، فلو لم تكن هناك من حسنة تذكر لانقطاع المُرتبات لكانت أنها صنعت دافعاً وحافزاً لكثير ممَّن وجدوا أنفسهم بلا مصدر دخل يعولهم ويعول أبناءهم، فانطلقوا في مُختلف الميادين والمجالات يبتكرون طُرُق متعدِّدة لتوفير لقمة العيش, وهذا كان أحد أهم أسباب ريادة الأعمال التي توسَّعت خلال سنوات العدوان والحصار كون الحاجة أم الاختراع .                                                                     

كثيرمن دول العالم حقَّقت قفزات تنموية كبيرة بفضل خلْق قاعدة اقتصادية قوية من الشركات الوطنية،  وذلك يُعتبر إنجاز اقتصادي مهم لتلك الدول ساعدها على تنويع مصادرها في ظل التغيرات المتسارعة في الاقتصاد العالمي التي يصعب التنبوء بها،  هذه الشركات الوطنية كانت الى قبل مُدّة قصيرة مشاريع صغيرة تُدار بشكل عشوائي، لكنّها في النهاية وجدت طريقها إلى النجاح بسبب توفُّر بيئة العمل من تشجيع على الإنتاج والتطوير والتمويل ومزايا الإعفاءات الضريبية والجمركية التي مكنتها من العمل بأريحية وبتكاليف مُنخفضة، واليوم غَدت تلك الأعمال الصغيرة والأصغر مشاريع عملاقة ترفُد الخزينة العامة والاقتصاد بمئآت ملايين الدولارات، كما استطاعت أن تقضي على جُزء كبير من البطالة، وأن تضع بُلدانها على صدارة الدول المصدِّرة لمُختلف أنواع المنتجات والسِّلع .                                                      

اليوم المشاريع الصغيرة والأصغر المُنتشرة على طول البلاد وعرضها في مُختلف المجالات الزراعية والصناعية والحيوانية والخدمية, هي القاعدة التي يمكن أن تُؤسِّس لاقتصاد عملاق يتشارك في بنائه أبناء المُجتمع بمُختلف شرائحه إلى جانب الدولة، هذا الاقتصاد كَفيل بإحداث نهضة شاملة على جميع المُستويات، وتحقيق تنمية مستدامة ومكافحة الفقر وتحسين الوضع المعيشي للفرد، وذلك ما حدث تماماً في كثير من دول العالم، مثل سنغافورة التي نهجت سياسة وطنية لتشجيع ريادة الأعمال استكشفت من خلالها الفُرص والمواهب الكامنة لدى الشباب بعد دعم مشاريعهم وابتكاراتهم في هذا المضمار، من خلال برامج تدريبية ومنحهم حِزما من المزايا بعيداً عن الروتين الحكومي، وإنشاء صناديق موَّلت مشاريع كانت كفيلة بتحويل أحلام الشباب الى واقع مَلموس له الأثر الإيجابي عليهم وعلى اقتصاد بلدهم .                                       

الحكومة اليوم ليست مُطالبة بتوظيف مُخرجات التعليم من حَمَلة شهادات جامعية ومعاهد، كثير من أصحابها لا يَحمل في رأسه سوى نظريات ملقَّنة عفا على مُعظمها الزمن، بقدر ما هي بحاجة إلى تأْهيل الشّباب تأهيلاً حقيقياً لمُتطلَّبات سوق العمل أولاً، ولِضمان خلْق شُركاء فعليين على أرض الواقع للمشاركة في عملية التنمية وبناء الاقتصاد, وتحمُّل المسؤوليات إلى جانب الدولة ثانياً، وهذا هو التحدّي الحقيقي، وهو كيف نصْنع من هذه الشريحة من يَحمل على عاتقه مسؤولية البناء؟ لا أن يكون همُّه فقط كيفية الحصول على مرتب (رغم أهميته) وحوافز ومكافآت، بينما لا يقدم مقابل ذلك  إنتاجاً فعلياً يستحق ذلك كما هو واقع في كثير من قطاعات ومؤسسات الدولة، وهنا بيت القصيد .                                                                    

اليمن وهو من أكثر بلدان الشرق الأوسط تتوافر فيه مقوِّمات النجاح من رُخص أيدي عاملة وتنوُّع فرص إستثمارية قد لا تتوفر في كثير من البلدان -بسبب تشبّعها بالمشاريع والأفكار في مختلف المجالات- وكذلك توفر العنصر البشري الذي يحمل استعداداً كافياً للعمل والإنتاج, شريطة تهيئة البيئة الداعمة من تشجيع وحوافز قادرة على تحويل معظم شرائح المجتمع  إلى عناصر منتجة باستطاعتها تأمين  إنتاج  الغذاء والدواء دون الحاجة للمُستوردات، وبالتالي النجاح في تحويلها من عناصر مُستهلِكة الى عناصر مُنتِجة فاعلة في المجتمع، ولا زالت هناك حاجة إلى ردم الفجوة ما بين توفر الكثير من الفُرص الإستثمارية وما بين شريحة واسعة من الشباب لا تجد فرصة للعمل، وعلينا أن نوجد تلك الحلقة المفقودة التي يمكن أن تُسهم باكتمال المعادلة والمُضي قدماً في ريادة الأعمال, ويَبقى دور الدولة في توفير البيئة الداعمة والمناخات الملائمة لصناعة رواد الأعمال من سيقودون المستقبل . 




الاسمبريد إلكترونيرسالة