-->
U3F1ZWV6ZTIwMjE5NDQ5ODhfQWN0aXZhdGlvbjIyOTA1ODUwNjky
recent
أخبار ساخنة

زراعة اللوز إحدى البدائل الزراعية المنافسة للقات



زراعة اللوز إحدى البدائل الزراعية المنافسة للقات

أ.د. إسماعيل عبد الله محرم
رئيس مجلس إدارة هيئة البحوث والإرشاد الزراعي – سابقاً




تنتشر زراعة اللوز في مناطق محدودة باليمن بالرغم من كونه محصولاً زراعياً قديماً، وقد انتشرت زراعته منذ القدم في منطقة خولان- محافظة صنعاء، إلا أنه كان محصوراً في هذه المنطقة. وقد جاء الاهتمام به والتوسع في زراعته كمحصول رئيس ذي عائد اقتصادي كبير مع بداية الألفية الثالثة، وذلك بمبادرة ذاتية من قبل بعض المزارعين، وتشجيع من قبل أحد المزارعين، والذي قام بإنشاء أول مشتل لزراعة اللوز وإنتاجية عالية للشتلات في منطقة بني مطر – محافظة صنعاء.
وقد كان للبحوث الزراعية دورٌ متميزٌ في جمع وزراعة الأصول الوراثية لأشجار اللوز وتقييمها وإنتاج الشتلات وتوزيعها مجاناً على المهتمين بزراعة اللوز. وخلال العقدين الماضيين توسعت مناطق زراعته ومساحتها إلى أن وصلت إلى 6600 هكتار بإجمالي عدد الأشجار تصل إلى 1.5 مليون شجرة بنسبة نمو في المساحة خلال العشر السنوات الأخيرة تقدر بحوالي %25، وأشهر مناطق زراعته- بالإضافة إلى منطقة خولان- بني مطر، همدان والحيمتان وحراز وعمران. وقد تم خلال العشر السنوات الأخيرة توزيع أكثر من 75 ألف شتلة لوز من مشتل زراعي واحد في بني مطر، استفاد منها أكثر من 2500 مزارع، وهذا يدلُّ على تنامي التوسع في زراعة وإنتاج اللوز في اليمن. إنّ توفير أصناف عالية الإنتاج والجودة سيدفع المزارعين بالتوجه إلى توسيع زراعتها في مواقع تأقلمها في البيئة اليمنية. وأهم ما يميز اللوز أنه ينمو في تلك المناطق التي يجود فيها زراعة القات، وبالتالي انتشار زراعة اللوز يُعدُّ منافساً قوياً للقات؛ بسبب تدني مدخلات إنتاجه وعائده الاقتصادي المرتفع.

الوصف النباتي لأشجار اللوز:
ينتمي اللوز إلى عائلة اللوزيات Rosaceae وهي من النباتات متساقطة الأوراق ذات النواة الحجرية. وتنتشر زراعتها في دول عدة من العالم، وتجود زراعتها في المناطق الباردة والمعتدلة، وتُعدُّ دول البحر الأبيض المتوسط موطنه الأصلي. ويعرف باللوز (Almond)، واسمه العلمي (Prunus dulcis).
يتم زراعة اللوز بالبذرة في بيئات عادية أو في المشاتل وتنبت البذور بعد 3-5 أسابيع من الزراعة، وتستمر رعايتها في المشتل لمدة ستة أشهر إلى سنة، ومن ثَمّ ينقل إلى الأراضي المستديمة. ويبدأ الإنتاج المبكر للشتلات بعد 3 سنوات في الأرض المستديمة بمتوسط إنتاجية الشجرة بحوالي 2-3كجم/شجرة/سنة (موسم)، تتزايد إنتاجيتها حتى تصل إلى أكثر من 30 كجم/شجرة/سنة، وهذا يعتمد على الرعاية والاهتمام بها. وأشجار اللوز مُعَمّرَة يصل عمر البعض منها إلى عشرات السنين. وهي من الأشجار المتحملة للجفاف والبرودة. أزهار اللوز عقيمة وهي لا تلقح ذاتها كما في معظم الأشجار والنباتات الأخرى التي تحتاج إلى عدد من الاشجار في الحقل الواحد وإلى تنوع في الأصناف، وهنا يلعب النحل والحشرات الأخرى دوراً مميزاً في عمليات التلقيح لأزهار اللوز، وفي حالات كثيرة يتم التلقيح يدوياً.
الاحتياجات البيئية لزراعة اللوز:
تزدهر زراعة اللوز في المناطق المعتدلة وبالذات في مناطق المرتفعات الجبلية، وهي قليلة الاحتياجات المائية، وتتأثر بدرجات الحرارة العالية والرطوبة المرتفعة، وتحتاج إلى عدد من ساعات البرودة أثناء الشتاء، وقد تؤذيها البرودة الشديدة في الشتاء أو الحرارة الزائدة في الصيف. وتتفتح أزهار أشجار اللوز بعد حصولها على درجات البرودة المناسبة والتي تتراوح بين 250-400 درجة مئوية. درجات الحرارة المعتدلة بالإضافة إلى أنها مناسبة لنمو النبات، إلا أنها أيضاً تشجع النحل والحشرات الأخرى في النشاط لتلقيح الأزهار، والرطوبة المرتفعة لا تساعد أشجار اللوز على الإنتاج، وبالتالي يتم تجنب زراعة اللوز في المناطق الساحلية حيث الرطوبة العالية. ولنمو أشجار اللوز وإثمارها فإنها تحتاج إلى كميات كافية من المياه وبأوقاتٍ محددة، وكذلك احتياجها للسماد النتروجيني للعلاقة الكبيرة بين النمو الخضري للأشجار وزيادة الإثمار.
وكون أشجار اللوز من النباتات المعمرة وأفرعها تنتشر في مساحة كبيرة، فهي تحتاج إلى مسافات زراعية كبيرة أيضاً وتتراوح بين 6X6 م للنبات الواحد إلى 8X8 م، وأنسب كثافة نباتية في الهكتار من أشجار اللوز هي -270 280 شجرة. كما أنّ إضافة السماد العضوي مهم لزيادة الإنتاج وتحسين جودته.

العائد الاقتصادي لزراعة اللوز في اليمن:
تحتوي ثمار اللوز على فوائد غذائية متنوعة، والزيت المستخرج من ثماره يستخدم في أغراض صناعية وطبية متعددة. وتُعدُّ الولايات المتحدة الأمريكية الأولى عالمياً من حيث الإنتاج للوز، حيث تستحوذ على %70 من الإنتاج العالمي، تليها إسبانيا، وتحتل كل من سوريا والمغرب وتونس المراتب الخامسة والسادسة والسابعة من حيث الإنتاج العالمي على التوالي. ففي عام 2015 كان إنتاج سوريا حوالي 85 ألف طن، والمغرب 73 ألف طن ( الفاو 2015م)، بينما لم يتجاوز إنتاج اليمن من اللوز 10 طن لنفس العام. ويبلغ إجمالي الإنتاج العالمي من اللوز حوالي 1.677مليون طن سنوياً.
تحقق ثمار اللوز عائدات ربحية كبيرة، بالإضافة إلى سهولة نقل ثمارها وتخزينها لفترات طويلة، كما أنها غنية بالعناصر الغذائية، وتستهلك خضراء وجافة، كما تدخل في كثير من الصناعات الغذائية والطبية، والطلب يزداد على استهلاكها

محلياً وعالمياً.
يبدأ إنتاج أشجار اللوز من عمر 3 سنوات ومتوسط إنتاجية الشجرة بعمر 5 سنوات تصل إلى 6 كجم/شجرة/سنة، وترتفع الإنتاجية بحسب عمر النبات والخدمة الزراعية الجيدة للأشجار، وعند توفر الخدمات الزراعية المناسبة وأصناف عالية الإنتاج، ومع تقدم عمر النبات فإنَّ متوسط إنتاجية الشجرة في عمر عشر سنوات 8 كجم/ شجرة وقد تصل إلى 10كجم/شجرة /سنة.
وتنتج الشجرة الواحدة كمتوسط عالمي 30-25 كجم /شجرة /سنة، وإنتاجية الهكتار في المزارع الجيدة تصل إلى أكثر من 2 طن/هكتار. ومتوسط الأسعار العالمية لثمار اللوز يختلف من سنة إلى أخرى ومن منطقة إلى منطقة، وتشير البيانات المتوفرة إلى أنّ متوسط أسعاره في عام 2019 كانت تتراوح بين 5-3 دولار

بسعر الجملة، وسعر زيت اللوز وصل إلى 20 دولاراً للتر.
وفي السوق المحلية يصلُ سعر الكيلو جرام لثمار اللوز الجاف والمقشر إلى 32 دولاراً أمريكياً بسعر صرف الدولار مقارنة بالريال اليمني في أكتوبر 2019م. وإذا ما افترضنا أنَّ أشجار اللوز تعطي متوسط إنتاج للشجرة بعمر 5 سنوات تصل إلى 6 كجم /سنة فقط فإنّ الـ 140 شجرة المزروعة بمساحة تقريبية 100 لبنة صنعانية وهي تساوي 4400 م2، أي أكثر من نصف هكتار تصل قيمتها 26.880 دولاراً أمريكياً أي ما يساوي 15.1 مليون ريال يمني، وهذا يفوق العائد الاقتصادي الإجمالي لكثير من المحاصيل الزراعية من نفس المساحة خلال العام، وبما أننا نفتقد إلى إحصائيات حديثة لإنتاج وتسويق القات في الوقت الحالي، فإننا نُقدّر أنّ هذا المبلغ يفوق العائد الاقتصادي للقات من نفس المساحة بحسب إحصائيات قديمة، وبالتالي فإنّ زراعة وإنتاج اللوز يُعدُّ واحداً من النباتات المحفزة للعديد من المزارعين على التوسع في زراعته. ويجب أنْ نشير هنا إلى أنَّ تكاليف الإنتاج للوز متدنية بالمقارنة مع المحاصيل الأخرى بما فيها تلك المحاصيل الحولية (والتي تستغرق فترة نموها من الزراعة حتى الحصاد موسماً زراعياً واحداً أي أقل من سنة ) مثل الخضار وبالذات الجزر، حيث تشير بعض الدراسات التي بين أيدينا إلى أنّ إجمالي الربح الصافي للجزر من مساحة 100 لبنة صنعاني

تساوي 1.9 مليون ريال بينما كانت للوز 6.5 مليون ريال، وهذا فرق شاسع بين المحصولين، مع تأكيدنا هنا بأنّ المقارنة بين محصول حولي وآخر معمر مثل الجزر واللوز هي ليست دقيقة أو علمية، ولكن مقارنة تقريبية يمكن التفكير بها. وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ متوسط الأسعار العالمية للطن من اللوز بحوالي 5 آلاف دولار أمريكي أي بواقع 5 دولار /كجم هذا بسعر الجملة، وبالتالي فأسعار اللوز المحلي بالسوق اليمنية مرتفعة جداً مقارنة بتلك المستوردة من الدول الأخرى. كما أنَّ للوز اليمني أفضلية في السوق العالمي، وخاصة في دول الجوار؛ كونه من المزروعات العضوية (خالي من أي مواد كيماوية أثناء الزراعة)، كما أنّ مذاقه أجود، وفترة تخزينه أطول، وله إقبال كبير عند المستهلكين.

منافسة محصول اللوز لزراعة القات:
خلال السنوات القليلة الماضية انتشرت زراعة اللوز في مناطق متعددة في اليمن، واستحوذت على تلك المساحات المرشحة لزراعة القات، وخاصة في بني مطر والحيمة وخولان وبعض مناطق إب وعمران وذمار، وهذه المساحات في تزايد مستمر، شجّع العديد من المزارعين في تبني زراعة اللوز لقلة الرعاية والاهتمام به مقارنة مع القات من ناحية، وتدني مدخلات الإنتاج في محصول اللوز. وأهم عامل محفز في التوسع في زراعة اللوز على حساب القات هو العائد الاقتصادي المرتفع من اللوز، وأهم خاصية في اللوز أنه لا يحتاج إلى تلك العمليات المتعددة في شبكة التسويق والترويج له، كما هو الحاصل في القات. وبالتالي مزارع اللوز يبيع محصوله في منزله أو باب المزرعة ولا حاجة له للذهاب به إلى السوق. كما يتميز اللوز بتخزينه لفترات طويله دون تلف، وبالتالي يمكن للمنتج أن ينتهز فرصة ارتفاع أسعاره في المواسم والأوقات التي يزداد الطلب عليها، وهي الأعياد والمناسبات، كما تجري محاولات عدة في تصدير ثمار اللوز إلى دول الجوار حيث يجد إقبالاً واسعاً على شرائه بأسعار مرتفعة.

الصعوبات التي تواجه زراعة اللوز في اليمن:
يتخوفُ الكثيرُ من المزارعين من الخوضِ في زراعةِ اللوزِ في العديد من المناطق بسببِ طولِ الفترة من الشتل في المزارع المستديمة حتى أول إنتاج والذي يصل إلى 3 سنوات، وخاصة صغار المزارعين. كما أنّ هذا المحصول يُعدُّ حديث العهد على العديد من المزارعين، وبالتالي فهم بحاجة إلى التوعية والإرشاد في عمليات الزراعة والحصاد والتعامل مع هذا المحصول الهام. ارتفاع أسعار الأسمدة وندرتها وكذلك المحروقات وتكاليف الري يشكل عبئاً كبيراً على المزارعين ليس للوز فحسب، ولكن لمعظم المحاصيل. محدودية المشاتل والأصناف ذات الجودة العالية والتي يمكنها أن تتأقلم مع البيئات الزراعية المختلفة. صعوبة التسويق الخارجي. وصعوبة تبني العديد من المزارعين لهذا المحصول بسبب الجهل والخوف من الفشل من ناحية وفترة الانتظار التي يتهرب منها المزارعون حتى الحصول على إنتاج.

الاسمبريد إلكترونيرسالة