#اليمن مفترق(طرق العالم)
بقلم أ/ أشرف شنيف
مدير التسويق وتنمية الايرادات بالهيئة العامة للطيران المدني والارصاد
العدد الـــ17 مجلة اكتفاء الاقتصادية
___________________________
تتسابق الدول العظمى والقوى الإقليمية على الظفر بالمناطق والمنافذ البحرية في منتصف العالم على امتداد طول البحر الأحمر والبحر المتوسط والخليج العربي، وترجع أهمية المنطقة لأمرين؛ الأول «جيوسياسي» من حيث الموقع الاستراتيجي كنقطة متوسطة في العالم تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، والآخر «اقتصادي» لثراء المنطقة المحيطة بالثروات الطبيعية مثل الغاز والنفط والمعادن، فمن يسيطر على أكبر عدد من النقاط فيه ستكون له اليد الطولى في ميزان القوى إقليميا ودوليا، وذلك ما فطنت له أمريكا عقب الحرب العالمية الثانية، وما قامت به بريطانيا قبلها عندما احتلت جنوب اليمن مع مصر وتأسيس كيانات سياسية تتبعها في الشرق الأوسط، وباقي الدول العظمى الأخرى سابقا ولاحقا، وما تقوم به الصين وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وتركيا...
وفي نفس السياق، نجد الجميع يسعى لإثبات حدوده البحرية من أجل الحفاظ على حقوقه السيادية والاقتصادية وفق قانون البحر الدولي الذي ينص على 12 ميلا بحريا كحدود إقليمية و200 ميل بحري كحدود اقتصادية يحق لكل دولة الاستفادة من ثروات الغاز والنفط والمعادن والأسماك والاستثمار ...إلى آخره. وتأتي عملية التطبيع العربية الإسرائيلية لمد جسور التعاون الاقتصادي ووصل الطرق البحرية وتوقيع بروتوكول ربط بين ميناء جبل علي في دبي بميناء إيلات الإسرائيلي في العقبة، واتفاق تطوير ميناء حيفاء الإسرائيلي مع شركة موانئ دبي العالمية، كل ذلك بحاجة لتأمين الطريق الملاحي البحري على امتداد الساحل اليمني وخصوصا الساحل الغربي وباب المندب مما دفع الإمارات بمساعدة إسرائيلية أمريكية للتموضع في جزر ميون وسقطرى وزقر وكذا الموانئ والسواحل اليمنية.
مما سبق، يتضح لنا أهمية اليمن الاستراتيجية والاقتصادية لموقعها المتميز على مضيق باب المندب، وخصوصا بعد افتتاح قناة السويس عام 1869 لتكون على الطريق البحري الأهم عالميا، وتزداد أهميته لعبور قرابة 4 مليون برميل نفط يوميا من باب المندب، ولأكثر من 90 في المائة من تجارة اليابان العابرة نحو أوروبا، وتمر فيه ما يقرب من 38 في المائة من الملاحة العالمية.
تلك الأهمية تجعل من اليمن وسواحلها وموانئها وجزرها ذات أهمية اقتصادية وجيوسياسية في المنطقة والعالم، وذلك ما جعل الجميع يطمع في وضع موطئ قدم له على حدودها الساحلية الممتدة والمقدرة بـ 2500 كيلومتر. وتلك الحدود تمتلك ثروات طبيعية عديدة منها ثروات نفطية ومعدنية وسمكية وسياحية. فبالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي يممكن استغلاله من خلال تبنى رؤية اقتصادية متكاملة، تتمثل في عدة محاور منها على سبيل المثال: إنشاء مدن سياحية ساحلية تستهدف القطاع السياحي الداخلي والخارجي، إنشاء مدن صناعية تستغل المواد الخام المتوفرة في اليمن وتسهم في تسهيل تصديره، أو المستوردة عبر الموانئ اليمنية وتضيف عليها قيمة التصنيع ثم تصدرها مباشرة بأقل التكاليف الممكنة، وبجودة تلبي السوق المحلية والإقليمية والدولية مما يؤدي إلي تحقيق الاكتفاء، والكفاءة والفاعلية.
كما يجب علينا الاستفادة من المبادرات الاقتصادية الدولية والتي من اهمها مبادرة الصين في طريق الحرير البحري «حزام واحد طريق واحد» والعمل الدبلوماسي الجاد للانضمام لها، وفتح أسواق قريبة من الطرق الملاحية، وتطوير وبناء الموانئ والبنى التحتية الملاحية بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة في الجمهورية اليمنية. وكل ما سبق بحاجة أولاً لاستعادة السيادة، ثم إنشاء قوات بحرية قوية تدافع عن المصالح الاقتصادية في المياه الإقليمية للجمهورية اليمنية، وحماية الطرق الملاحية الدولية من القرصنة والعمليات الإرهابية عن طريق دعم قوات خفر السواحل، وكذا توقيع اتفاقية وبروتوكول مع مصر للتكامل والربط بين الموانئ اليمنية والمصرية، وفتح باب الاستثمار المشترك.
أخيرا، نعلم جيدا أن هناك أطماع وهناك أيضا نزعة استقلالية لدى الشعب اليمني لا تقبل بالمستعمر أو الوصاية أو بالقواعد العسكرية، ومن هذا المنطلق يجب الموازنة بين مصالح اليمن مع مصالح الخارج في التكيف مع الثقافة اليمنية الرافضة لكل ما سبق، ومع الشراكة مع دول العالم بما لا يمس بالسيادة الوطنية والوحدة الوطنية والهوية اليمنية، وذلك ممكن في عالم المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل للثقافات، فلا بد من الحفاظ على الخصوصية اليمنية مع الانفتاح مع الآخرين وفق رؤية اقتصادية وطنية تحقق الشراكة الدولية والإقليمية وتتجنب العزلة السياسية، والتسويق للفرص الاستثمارية الهائلة في القطاع البحري والسمكي والملاحي في الجمهورية اليمنية إقليميا ودوليا.
بعض الحقائق الرئيسية بشأن مبادرة الصين لإحياء طريق الحرير «حزام واحد طريق واحد»:
- في خريف 2013، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ في قازاقستان وإندونيسيا على التوالي بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21.
- تم الانتهاء من التصميم على المستوى الأعلى للمبادرة بوضع الهياكل الرئيسية.
- وبحلول يوليو 2018، وقعت أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية على وثائق تعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق.
- وفي 8 نوفمبر 2014، أعلنت الصين تخصيص 40 مليار دولار أمريكي لإقامة صندوق طريق الحرير لدعم مشروعات الحزام والطريق.
- وفي 28 مارس 2015، أطلقت الصين رؤية وأعمال البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21.
- وفي 25 ديسمبر 2015، تم إنشاء مؤسسة مالية جديدة متعددة الأطراف اقترحتها الصين، وهي البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
- وفي 24 أكتوبر 2017، تم إدراج مواصلة بناء مبادرة الحزام والطريق في دستور الحزب الشيوعي الصيني.
- وبحلول يوليو 2018، أنجز نحو 95 بالمئة من إجمالي 279 بنداً على قائمة نتائج منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، ولا يزال العمل جاريا على تحقيق 14 آخرين.
- وبحلول 26 أغسطس 2018، وصل عدد قطارات الشحن بين الصين وأوروبا إلى 10 آلاف.
- وخلال السنوات الخمس الماضية، تخطت تجارة الصين للبضائع مع الدول على طول الحزام والطريق 5.5 تريليون دولار أمريكي، ووصل الاستثمار الصيني المباشر في القطاعات غير المالية في هذه الدول إلى أكثر من 80 مليار دولار أمريكي.
- وخلال السنوات الخمس الماضية، أسست الصين 82 منطقة تعاون اقتصادي وتجاري في الدول الواقعة على طول الحزام والطريق، حيث استثمرت الصين 28.9 مليار دولار وخلقت نحو 244 ألف وظيفة محلية، وبحلول مايو 2018، وقعت الصين على 16 اتفاقية تجارة حرة مع 24 دولة ومنطقة، يقع نصفها على طول الحزام والطريق.
- وفي إطار المبادرة، أقامت الصين 81 مؤسسة تعليمية ومشروعا تعليميا إضافة إلى 35 مركزا ثقافيا في الدول على طول الحزام والطريق. وفي النصف الأول من 2018، أنفقت الصين أكثر من 270 مليون يوان (39.3 مليون دولار تقريبا) على منح طريق الحرير الدراسية.