تمكين المزارعين من تعظيم الاستفادة من المنح والقروض الزراعية
بقلم د/ عبدالغني عبدالله جغمان
في خضم ما تقوم به الدولة من محاولات لإنعاش وتعزيز التنمية الريفية الزراعية، وكما نشاهد في طيات هذا العدد من مجلة اكتفاء الاقتصادية، من تناول وشرح العديد من المبادرات التي تسهم في تعزيز التنمية الريفية الزراعية و إيجاد فرص عمل وتحسين دخول المواطنين والمزارعين العاملين في القطاع الزراعي والتنمية الريفية ضمن برنامج شامل للتصدي للتحديات الرئيسة كالأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.
إن تقديم منح وقروضا ميسرة لمشاريع زراعية وللمزارعين يسهم في تطوير الحيازات الزراعية وتعظيم الاستفادة منها وتطوير المنتجات الزراعية وتقليل التكلفة. الأمر الذي يهدف إلى تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية على أصحاب المزارع والمواطنين في تلك المناطق مما يسهم في استقرار أبناء الريف وإتاحة فرص عمل لهم ولأبنائهم وتخفيف الضغط على المدن.
كما أن منح القروض يدفع الشباب لفتح مشاريع زراعية مختلفة وتنويع الإنتاج الزراعي بحيث لا ينحصر في محاصيل معينة، أو في المزروعات فقط بل يتعداه للمشاريع الجديدة من الاستزراع المائي، والزراعة العضوية، والاستزراع السمكي، وحتى في الزراعة التقليدية، هنالك عدة مجالات وأساليب يمكن العمل على تطويرها والاستثمار فيها مثل أساليب الري الحديث، الاستخدام الأفضل للمبيدات والأسمدة والبيوت المحمية وتطوير أساليب التسويق الزراعي، كون دخل المزارع مرتبطا بوضع السوق فإذا استطاع أن يسوق بضاعته بسعر جيد ولديه إنتاج جيد، عندها ستتحقق الفائدة وتعود عليه الزراعة بدخل كثير.
من أهم التحديات التي تواجه المزارعين /المستفيدين هي تطوير معارفهم ومهاراتهم لكي يتم الاستفادة من هذه القروض والمساعدات وبرامج التمويل بأقصى ما يمكن، مما يستوجب العمل على ضمان حصول المستفيدين من المزارعين وأبنائهم على برامج تدريبية لتزويدهم بالمعرفة الكافية حيال إدارة مثل هذه البرامج بشكل جيد ومستدام. ولهذا يجب تبني برامج تأهيل وتدريب مخصص من قبل الجهات الحكومية أو بالتعاقد مع جهات تدريبية تعمل على تأهيل المستفيدين لإدارة القروض والفرص المتاحة لهم والعمل على استغلالها بشكل مناسب وبما يعود عليه وعلى الجهة المانحة بالفائدة.
هذا بالإضافة إلى ضرورة تخلل الدورات التدريبية زيارات حقلية للمزارع النموذجية، وورش تدريبية في المزارع الإرشادية بهدف توعية المزارعين بأفضل الممارسات الزراعية وطرق الزراعة الحديثة وآليات الري السليمة والاستخدام الأمثل للمياه، بالإضافة إلى عرض طرق زيادة إنتاجية المزارع وتحسين جودة الإنتاج المحلي، ورش المحاصيل، ووقاية المحاصيل، وطرق العناية بالمحاصيل الحقلية، بالإضافة إلى الزراعة في البيوت المحمية والزراعة العضوية، وتأهيلهم لإتباع أفضل الممارسات الزراعية التي تعود بالنفع على المزرعة وصاحبها، حيث تساهم الممارسات الزراعية الجيدة وتطبيق أنظمة الزراعة الحديثة في زيادة إنتاج المزارع المحلية وتحسين دخل المزارعين وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة.
وهنا نشير إلى ضرورة ربط صغار المزارعين بالقطاع الخاص وبناء قدراتهم على العمل معه. وتعزيز دور المجالس المحلية وتحويل عملية اتخاذ القرار إلى اللامركزية بشأن المنح الخاصة بالبحوث الزراعية وزيادة المسألة والكفاءة والإنتاجية في إدارة مياه الري، وممارسات الزراعية الحديثة وتبني المشاريع التي تعود بالفائدة مثل برامج الحراثة والتعاون المجتمعي في هذا المجال.
نحن نؤكد على أن التأهيل والتدريب سوف يفتح آفاق متعددة من خلال عرض نماذج لأساليب وبرامج استثمارية تنسجم مع التقنيات الحديثة التي يتم تداولها عالميا وزيادة الوعي بها في الأسواق المحلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشاركة بعض نماذج الدراسات الاقتصادية للمستثمرين ونماذج وقصص نجاح محليا ودولياً، كما يجب مشاركة قوالب ومستندات العمل الخاصة بإدارة القروض والمشاريع التنموية لكي تمكن المستفيد من أدارة القرض أو المنحة بأفضل ما يمكن، وبما يضمن الأمن الغذائي ويحقق الاكتفاء الذاتي.